الهروله نحو الهاويه و التي قد يستغرب البعض من العنوان و جنونيته . و كيف يهرول أحدهم نحو الهاويه ! كيف يسعى الى الهلاك ! . في مقالنا هذا نعنى بالهاويه الفشل المؤسساتي و ليس المعنى البيولوجي للزوال.
أستعرض هنا مثال معاصر و حالي لأحد المؤسسات التي تهرول نحو الفشل و نحلل المؤشرات التي نبني بناءا عليها توقعاتنا بالفشل المحتوم . حيث أصبحت المسأله مسألة وقت لا غير.
هنالك ثلاثة عناصر أساسيه تؤثر و تتأثر بها أي مؤسسه إيجابا أو سلبا . و هي :
البيئه الخارجيه : و هي المحيط أو البلد الذي تعمل فيه و يتضمن كل القوانين واللوائح المنظمه للنشاط التي تنطبق على نوع النشاط. الى جانب المجتمع و الرأي العام.
البيئه الداخليه : و هي بيئة المؤسسه الداخليه التي تشمل الإداره ، الموظفين ، العلاقه بينهم و بيئة العمل الداخليه من محفزات و مثبطات للكادر الإداري.
القوه الماليه : و هي أداة المؤسسه الفاعله في حل معظم مشاكل العنصرين السابقين ، الى جانب أنها تعطي فرص أكبر للتوسع و التمدد.
و عندما تفقد المؤسسه التوازن المطلوب بين هذه العناصر يحدث الخلل . لو فقدت أحد هذه العناصر فإنها تتجه للهاويه و لكن لو فقدت كل هذه العناصر فإنها تهرول نحو الهاويه.
والآن نبدأ بتحليل نموذجنا المؤسسي و لنرمز له بإسم ” السيرك ” . و للبيئه الخارجيه عنصران رئيسيان ، أحدهم المنظم للنشاط و لنرمز له بإسم ” التآيه ” و الآخر الرأي العام و نرمز له ب “الشكاي “.
كما يوجد بهذا السيرك ٥ عناصر رئيسيه – البيئه الداخليه – و هم :
” مدير السيرك ” و هو صاحب العمل غير المبالي بالمؤسسه .
” المهرج ” و هو المدير الآمر الناهي .
” مستشار التهريج ” و هو أحد المتسلقين المقربين للمهرج .
” المعارضه ” و هي الاداره اللا إستشاريه ، و هم معارضه سلميه لقلة الصلاحيات.
” الجمهور ” و هم الموظفين المغلوبين على أمرهم .
و لنسرد الحكايه من البدايه.
في يوم من الأيام قام مدير سيرك بإختيار مهرج لإدارة سيركه المحبب ، و قام بإعطائه كافة الصلاحيات و سد أذنه عن كل شكوى و مسبب ، و عن الإنتقادات في حق المهرج مما أكسب المهرج المسرور أسوأ الغرور. و أصبح بمصير المؤسسه يلف و يدور و يعامل الجمهور بأبشع الشرور. و يحيك للمعارضه المقالب و الشرور و طبعا كل ذلك بايعاز من مستشار التهريج ، الذي يحمل نفس الخلق و نفس سياسة التفريج.
و الآن و بشكل اداري نستعرض الحكايه:
” مدير السيرك ” : قام بتعيين المهرج الذي لم يدر سيركا يوما . و أطلق يده في الجمهور دون رقابه أو محاسبه ، كما أعطاه صلاحيات التعامل مع الشكاي و التآيه.
” المهرج ” : أغرق السيرك و الجمهور بالقرارات السلبيه و لم يأبه بالتايه و الشكاي. و عمل حاجزا بين مدير السيرك و المعارضه حتى لا يصل صوتها له. كما بدد الموارد الماليه بقراراته غير المدروسه. كل ذلك باسناد من مستشار التهريج.
” الشكاي ” : عانا لأمرين من قرارات المهرج التي إنعكست سلبا عليه ، و قدم الشكاوي فيه عند التآيه.
” التآيه ” : قام بتغيير القرارات و السياسات لإرضاء الشكاي ، مع توجيه الإنذارات المتتاليه للسيرك و مديره.
” الجمهور ” : فقد الأمل و فضل الإنزواء حتى يحل الفرج .
” المعارضه ” : ناضلت لفتره لاحداث التغيير ، و لكنها مؤخرا اتجهت للصمت بسبب عدم مبالاة صاحب السيرك .
و بالمحصله خسر السيرك كل العوامل و مازال المهرج يدير السيرك و صاحب السيرك لم يفارق نومته العميقه. و الذي بالمناسبه نتمنى له أحلاما سعيده .